روسيا تهدّد عصر العولمة: العقوبات المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا تؤدّي إلى انكماش التجارة العالمية والإنفتاح الإقتصادي الحر بين الدول
Credits: Alexander NEMENOV/AFP

روسيا تهدّد عصر العولمة: العقوبات المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا تؤدّي إلى انكماش التجارة العالمية والإنفتاح الإقتصادي الحر بين الدول

يتوقّع الخبراء الإقتصاديون أنّ العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، تؤدّي إلى انكماش التجارة العالمية ما سيؤثّر بشكل أو بآخر على العولمة التجارية وبما تضمنه من إنفتاح إقتصادي بين الدول.

 

هذا ما أفادت به صحيفة وول ستريت جورنال في مقال تحت عنوان Economic Blacklist of Russia Marks New Blow for Globalization، أي أنّ "القائمة السوداء الإقتصادية لروسيا تشكّل ضربة جديدة للعولمة"، فالجهود التي تقودها الولايات المتحدة لطرد روسيا من التجارة الدولية، تمثل شرخًا آخر في رؤية التجارة الحرة التي وجهت السياسة الأميركية لما يقرب من 30 عامًا ، مما يشير إلى مستقبل تتحول فيه الدول والشركات بعيدًا عن التجارة مع الخصوم والتركيز أكثر على الشركاء ذوي التفكير المماثل.

 

وتشير الصحيفة إلى أنّ الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاء أوروبا الغربية منذ غزو روسيا لأوكرانيا كانت سريعة، بما في ذلك حظر أو تقليص مشتريات النفط والغاز والفحم الروسي للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإلغاء قواته.

كما تحرّك الغرب لفصل بنوك روسية عن نظام سويفت للمدفوعات العالمية عبر البنوك، في حين دعا تشريع لمجلس النواب الأميركي، الأربعاء الفائت، إلى مراجعة مشاركة روسيا في بعض برامج التجارة الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، وهو إجراء غير مسبوق، إن حدث.

 

لذلك، تسبّبت الحرب الروسية في أوكرانيا والعقوبات الهائلة على الإتحاد السوفياتي السابق في انكماش التجارة العالمية، ورفعت بشدة أسعار الغذاء والطاقة، مما سيجبر صندوق النقد الدولي على خفض توقعاته للنمو العالمي الشهر المقبل.

 

ويعد استبعاد قطاعات كاملة من الاقتصاد الذي يحتل المركز الحادي عشر على مستوى العالم من النظام التجاري غير مسبوقة في عصر العولمة مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن روسيا هي المورد لسدس جميع السلع، وتنتج روسيا عشرة في المئة من النفط العالمي وتزود أوروبا بأربعين في المئة من الغاز. كما أنها أكبر مصدر للحبوب والأسمدة في العالم، وأكبر منتج للبلاديوم والنيكل، وثالث أكبر مصدر للفحم والصلب، وخامس أكبر مصدر للأخشاب.

 

أمام هذه المعطيات، تقول جينيفر هيلمان، المحامية التجارية والخبيرة القانونية في النظام القضائي لمنظمة التجارة العالمية: "إنّ نظام التجارة كما عرفناه، مع وجود منظمة التجارة العالمية في جوهره ومع مجموعة أساسية من القواعد التي يتداول الجميع بموجبها، ينهار".

 

وتستكمل هيلمان تصريحها منوّهة أنّ العقوبات الاقتصادية الغربية لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا، تُكدِّس مجموعة جديدة من العوامل المجهولة على الاقتصاد العالمي الذي تضرّر بالفعل بسبب جائحة كورونا.

 

وبرهنت هيلمان تحليلها من خلال أمثلة قائلة أنّه على مدار سنوات تعرضت العولمة التجارية لضغوط بسبب المنافسات الاقتصادية وإغلاق المصانع في البلدان الغنية. وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أشعل هذا الاتجاه من خلال شن حرب تجارية ضد الصين عام 2018. وقد أضافت جائحة كوفيد-19 زخماً لذلك أيضًا بعد اعتماد الولايات المتحدة على العناصر المستوردة في معدات الحماية الشخصية ورقائق الكمبيوتر.

وترى هيلمان أنّ مستقبل اتفاقيات التجارة العالمية يمكن أن يتبلور في اتفاقيات إقليمية كبيرة، حيث يجمع المشاركون فيها المزيد من المصالح المشتركة، مثل اتفاقية الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الموقعة عام 2020. وأضافت: "أعتقد أننا سنشهد تكتلات متزايدة، حيث توجد ائتلافات من ذوي التفكير المماثل".

والشهر الماضي، قالت وزارة الاقتصاد الروسية إنها تتوقع اشتداد ضغوط العقوبات التي تعرضت لها منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وإنها تخطط لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول آسيوية.

وسيعتمد مثل هذا المحور بشكل خاص على رؤية بكين فائدة في ظهور تكتل تجاري صيني روسي كبديل قابل للتطبيق للقنوات الغربية.

ووفقاً لمؤيدي العولمة، فإنّ فوائد التجارة الحرة كانت بعيدة المدى، وفتحت أسواق جديدة للشركات، وجعلت مجموعة متنوعة من السلع الاستهلاكية بأسعار معقولة.

أما تحويل المزيد من الإنتاج إلى الأسواق المحلية سيؤدي إلى زيادة التضخم الذي يشهد ارتفاعًا بالفعل، كما تشير وول ستريت جورنال.

 

وعلى العكس من ذلك، يقول بيل راينش، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن يركز على الأمن القومي للولايات المتحدة، إن تقنيات النقل والاتصالات تجعل التجارة العالمية لا تزال مقنعة للشركات، بحيث تسمح لها بتقديم أكثر المنتجات تنافسية.

 

وول ستريت جورنال/ترجمة صوت بيروت انترناشيونال (بتصرّف)

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3