قميص السعادة
Credits: INFO3

قميص السعادة

كانت في المناهج المدرسيّة لأطفال لبنان أمثولة حول مقاييس الطمأنينة عنوانها "قميص السعادة". وكان نموذج السعادة تلك الأيّام، الفلاّح أو الراعي. والمثل الريفيّ يقول: "فلاّح مكفي، سلطان مخفي". ولا شكّ طبعاً أنّ قائل هذه الحكمة الذهبيّة إنسان مخبول، خامل، كسول، لا يعرف شيئاً عن حياة السلاطين أو عن "قميص السعادة" الذي يرتديه إيلون ماسك أو بنطلون السعادة الذي يرتديه بيل غيتس.

كلّ عام، في مثل هذا الوقت، تُصدر الأمم المتّحدة جدولاً بالدول الأكثر سعادة، والدول الأقلّ. والأخيرة لا تتغيّر ولا تشغل أحداً في التوقّع، المرتبة الأولى دائماً لأفغانستان، ودائماً بأشواط، أو بأزمان.

الدول العشر الأوَل بين أصحاب السعادة، تتقدّمها فنلندا للعام السابع، وتحلّ إسرائيل في المرتبة الرابعة، ومن بين العشر الأوائل، أربع دول اسكندنافيّة، ولا مفاجأة طبعاً.

أهمّ شروط السعادة وفقاً لمؤشر الأمم المتّحدة، وليس للمسطول صاحب القميص، هو الشعور بالأمان والضمان. وهذا الشرط هو أهمّ ما فقدته إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل)، ولا نعرف أيّ مرتبة سوف تكون لدى صدور جدول نهاية هذا العام! جيشها العلميّ صار جيشاً مقاتلاً، واقتصادها التكنولوجيّ معلَّقاً أو متدهوراً... لكنّ فقدان إسرائيل مرتبتها لا يتحوّل تلقائياً إلى ارتفاع في مراتبنا. فإنّ الجمهوريّة اللبنانيّة مثلاً، لا تنافسها إلا جمهورية الكونغو الديمقراطيّة، على المرتبة 136، وبينما يخلو مؤشّر السعادة من أيّ دولة عربيّة، يتعزّز في مؤشر التعاسة، إذ تبرز بين العشر الأوائل، سوريا واليمن.

 

تتبوّأ إيران المركز 101، وهو رقم بالغ الدقة ما بين المائة الأولى والمائة التالية. قسّم الغرب العالم ثلاث طبقات: قَسمتنا كانت الطبقة الثالثة. وما رضينا. والآن جاء مؤشر "فوربس" يُبلغنا بأنّ المستحيل صار ممكناً، وأزاحت دولة جنوب السودان، أفغانستان من حصنها الحصين. لاحظ جنابك رنّة الألف نون: لبنان. إيران. السودان. أفغانستان. مالاوي. بُتسوانا. زيمبابوي، إلخ...

ميزان، أو مؤشر التعاسة، يتضمّن معدّل الأعمار، ومعدّلات النمو، ومعدّل دخل الفرد، والدخل القوميّ، وكل دخل آخر. وبناءً عليه، يصرّ مؤشر هيئة الأمم على أنّ لبنان يقع مباشرةً بعد أفغانستان، إذا ضمّ المؤشر 148 بلداً. كان يقال في الماضي إنّه سويسرا الشرق. واليوم، يقول المؤشّر إنّ سويسرا الغرب هي أفضل بلد للعيش. وأفضل بلدان العكس تماماً هو بلد "قميص السعادة" و"سربال البؤس".

(صحيفة الشرق الأوسط)


* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3