دراسة حديثة تشير إلى ان استخدام الهاتف الذكي لأكثر من ساعتين يوميًا يزيد من خطر الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
Credits: Josep LAGO / AFP

دراسة حديثة تشير إلى ان استخدام الهاتف الذكي لأكثر من ساعتين يوميًا يزيد من خطر الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

يتزايد اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) بين البالغين، هذا ما اثبتته دراسة حديثة، نشرتها "ديلي ميل" البريطانية، يقول الباحثون إن الهواتف الذكية يمكن أن تكون السبب جزئيًا.


في هذ الصدد، يحاول الأطباء معرفة ما إذا كان الارتفاع في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في مرحلة البلوغ يعود إلى تحسن طرق الفحص والتشخيص لهذه العلة أو يعود إلى العوامل البيئية والسلوكية.


تجدر الإشارة إلى انه تم تعريف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تاريخيًا على أنه اضطراب وراثي يمكن التعامل معه من خلال الأدوية والعلاج. ولكن اكتشف الباحثون حديثاً أن تغييرات نمط الحياة، كالاعتماد المفرط والكثيف على الهاتف الذكي، قد تجعل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه اضطراب مكتسب أكثر من وراثي.


في هذا السياق، ربطت دراسة، نُشرت في دورية الجمعية الطبية الأميركية، أن الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم لمدة ساعتين أو أكثر في اليوم هم أكثر عرضة بنسبة 10% للإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD. ويرتبط ADHD بالدرجة الأولى بالأطفال الصغار، مع احتمال أن يتمكن الطفل من التخلص منه في مرحلة النمو، إلا أن عوامل التشتيت التي تخلقها الهواتف الذكية في يومنا هذا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية وتدفق الموسيقى والأفلام أو التلفزيون، خلقت وباء اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.


بالإضافة إلى ذلك، يرى الباحثون أن إمداد وسائل التواصل الاجتماعي الأشخاص بالمعلومات والأخبار بطريقة متواصلة على مدار الساعة، يجعلهم يأخذون فترات راحة في أماكن عملهم مرارا للتحقق من هواتفهم. فإن الأشخاص الذين يقضون وقت فراغهم في استخدام التكنولوجيا لا يسمحون لعقولهم بالراحة والتركيز على مهمة واحدة، وبذلك يمكن القول أن عوامل التشتيت المشتركة تؤدّي إلى تطوير فترات انتباه أقصر لدى البالغين ويصبح من السهل تشتيت انتباههم وبالتالي تقلّ انتاجيّتهم.


توضيحاً لما سبق، إذا كان الشخص يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار على هاتفه، فربما يشعر بالحاجة أثناء ساعات العمل إلى أخذ فترات راحة متكررة لمعرفة ما إذا كان شخص ما قد قام بالتعليق على منشوره أو الإعجاب به. ويمكن أن تصبح هذه الممارسة لا شعورية إلى حدٍّ ما، مما يجعل الشخص يشعر بالتشتت أثناء العمل أو يشعر بعدم القدرة على التركيز، الأمر الذي يمكن أن يتطور إلى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.


من جهته، قال جون راتي، وهو الأستاذ المساعد في الطب النفسي في كلية الطب في جامعة هارفارد: "من المشروع النظر إلى احتمالية نقص الانتباه المكتسب"، مشيرًا إلى أن البعض مرغمون على القيام بمهام متعددة في مجتمعنا اليوم وبالتالي الاستخدام الشامل للتكنولوجيا أي استخدام الشاشة وإدمانها، مما قد يؤدي إلى قصر فترة الاهتمام.


أمّا من جهته، فقد شبّه إلياس أبو جودة طبيب نفسي سلوكي في جامعة ستانفورد، معضلة فرط الحركة ونقص الانتباه والاستخدام المكثف عبر الإنترنت لسؤال الدجاجة والبيضة، بمعنى أنه هل يصبح الأشخاص مستهلكين كثيفين عبر الإنترنت لأنهم مصابون مسبقاً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أم أنهم يصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه نتيجة للاستهلاك المفرط عبر الإنترنت".


ولا يفوتنا ان ننوه، ان الباحثين قالوا بإن المزيد من البالغين ربما سيعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بسبب التشتيت المستمر الذي تشكله الهواتف الذكية، مضيفين أن الأشخاص الذين يستخدمون أجهزتهم باستمرار لا يسمحون لأدمغتهم بالراحة في الوضع الافتراضي.


ووفقا للدراسة، تشير الأدلة إلى أن التكنولوجيا تؤثر على وظائف المخ وسلوكه، مما يؤدي إلى زيادة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، من ضعف الذكاء العاطفي والاجتماعي إلى إدمان التكنولوجيا والعزلة الاجتماعية حتّى ضعف نمو الدماغ واضطراب النوم.


وقد نظر الباحثون في العديد من الدراسات التي يعود تاريخها إلى عام 2014 والتي حللت العلاقة بين اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واستخدام الوسائط الاجتماعية، حيث تبين أن المراهقين الذين لم تظهر عليهم أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في بداية الدراسات، أظهروا أن هناك "ارتباطًا كبيرًا بين الاستخدام المتكرر للوسائط الرقمية وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بعد 24 شهرًا من المتابعة".


في نفس الصدد، قال راسل رامزي، المؤسس المشارك لبرنامج بنسلفانيا لعلاج وأبحاث اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه للبالغين في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا، إن "هذا يعني أن هناك حوالي 366 مليون بالغ في جميع أنحاء العالم يعيشون حاليًا مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهو ما يعادل تقريبًا عدد سكان الولايات المتحدة".


تأسيساً على ذلك، قفز عدد البالغين، الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في جميع أنحاء العالم، من 4.4% في عام 2003 إلى 6.3% في عام 2020. ووفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، يعاني ما يقدر بنحو 8.7 مليون بالغ في الولايات المتحدة من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بينما يتم تشخيص ما يقرب من ستة ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 17 عامًا.


في سياق متصل، ركزت دراسة منفصلة، أجريت في عام 2018، على ما إذا كانت الهواتف الذكية قد أدّت إلى ظهور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى المراهقين على مدار عامين. وكشفت النتائج عن أن 4.6% من 2500 طالب في المدارس الثانوية، الذين قالوا إنهم لم يستخدموا الوسائط الرقمية، أصيبوا بشكل متكرر بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بحلول نهاية العام الدراسي. وفي الوقت نفسه، أظهر 9.5% من المراهقين، الذين أبلغوا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر في بداية الدراسة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند انتهاء الدراسة.


وحرصاً على التخلص من الآثار الجانبية السلبية التي قد تصاحب الاستخدام المفرط للهواتف الذكية، يمكن اتباع بعض الإجراءات الفعّالة.

ومنها يُنصح بتحديد حدود زمنية لاستخدام الهاتف يوميًا، مع الالتزام بها بدقة. كما يمكن استخدام تطبيقات الضبط الذاتي لتقييد الوقت المستخدم على التطبيقات غير الضرورية في أوقات محددة. من الجيد أيضًا تنظيم الإشعارات وتعطيل الإشعارات غير الهامة لتقليل التشتت. علاوة على ذلك، يمكن وضع الهاتف في مكان بعيد عن متناول اليد عند الشعور بالرغبة في استخدامه بشكل مفرط. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بالبحث عن أنشطة بديلة لا تتطلب الهاتف الذكي والاستفادة من الوقت في التواصل الشخصي مع الأصدقاء والعائلة. وأخيرًا، يمكن ممارسة التأمل والاسترخاء واللجوء إلى الدعم الاجتماعي كوسيلة لتخفيف تأثير الاعتماد المفرط على الهواتف الذكية.


باختصار، يثير الاستخدام المفرط للهواتف الذكية مخاطر ارتفاع حالات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بين البالغين. يدفع الباحثون إلى النظر في احتمالية تحول هذا الاضطراب إلى اكتسابي بسبب التشتت المستمر الناجم عن وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية. لتقليل هذه المخاطر، يُنصح بتحديد حدود زمنية لاستخدام الهاتف، واستخدام تطبيقات الضبط الذاتي، وتنظيم الإشعارات، واستكشاف أنشطة بديلة. تعتبر هذه الخطوات مهمة لتقليل تأثير الاعتماد المفرط على التكنولوجيا على صحة البالغين.

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3