برنامج الذكاء الاصطناعي
Credits: OLIVIER MORIN /AFP

برنامج الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" ليس علاجاً لمشاكل الصحة النفسية بل يوفر تأثير الدواء الوهمي من خلال الدردشة

هل "تشات جي بي تي" عالم نفسي جيد؟ هذا ما ألمحت إليه مسؤولة في شركة الذكاء الإصطناعي الأميركية "أوبن إيه آي" التي تقف وراء برنامج الدردشة الآلية الشهير، ما أثار إنتقادات كثيرة بسبب تقليلها من صعوبة علاج الأمراض العقلية.

وكتبت ليليان ونغ، المسؤولة عن المسائل الأمنية المرتبطة بالذكاء الإصطناعي، في أواخر أيلول/سبتمبر على خدمة إكس (تويتر سابقاً) "لقد أجريتُ للتو محادثة شخصية عاطفية جداً مع تشات جي بي تي عبر الصوت، حول التوتر والتوازن بين العمل والحياة".

وتساءلت "من المثير للاهتمام أنني شعرت بالاستماع والراحة. لم أجرّب العلاج من قبل، لكن هل الأمر على هذا النحو على الأرجح؟".

وقد سعت ونغ من خلال رسالتها في المقام الأول إلى تسليط الضوء على وظيفة التوليف الصوتي الجديدة (المدفوعة) لروبوت الدردشة الذي طُرح قبل عام تقريباً والساعي إلى إعتماد نموذج اقتصادي خاص به.

لكنّ المطورة والناشطة الأميركية شير سكارليت ردت بحدة على هذا التصريح، قائلة إن علم النفس "يرمي إلى تحسين الصحة العقلية وهو عمل شاق".

وأضافت "أن يرسل المرء مشاعر إيجابية لنفسه أمر جيد، لكن لا علاقة لذلك بالعلاج".

ولكن هل يمكن للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي أن يُنتج التجربة الإيجابية التي وصفتها ليليان ونغ؟

بحسب دراسة نُشرت قبل أيام في المجلة العلمية "نيتشر ماشين إنتلجنس" Nature Machine Intelligence، يمكن تفسير هذه الظاهرة من خلال تأثير الدواء الوهمي.

ولإثبات ذلك، استطلع باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام اي تي) وجامعة أريزونا، آراء 300 مشارك، موضحين للبعض أن روبوت الدردشة لديه تعاطف، ولآخرين أنه كان متلاعباً، فيما قالوا لأفراد مجموعة ثالثة إنه ذو سلوك متوازن.

نتيجة لذلك، فإن أولئك الذين إعتقدوا أنهم يتحدثون إلى مساعد إفتراضي قادر على التعاطف معهم كانوا أكثر ميلاً إلى إعتبار محدّثهم جديراً بالثقة.

وقال بات باتارانتابورن، المشارك في إعداد الدراسة "لقد وجدنا أن الذكاء الإصطناعي يُنظر إليه بطريقة ما بحسب تصورات المستخدم المسبقة".


ومن دون إتخاذ الكثير من الإحتياطات في مجال لا يزال حساساً، إنطلقت شركات ناشئة كثيرة في تطوير تطبيقات من المفترض أن تقدم شكلاً من أشكال المساعدة في مسائل الصحة العقلية، ما تسبب في نشوء جدالات متنوعة.

وإشتكى مستخدمون لـ"ريبليكا" Replika، وهو تطبيق شائع معروف بتقديم منافع على الصحة النفسية، بشكل خاص من أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح مهووساً بالجنس أو متلاعباً.

كما أقرت المنظمة الأميركية غير الحكومية "كوكو"، التي أجرت تجربة في شباط/فبراير على 4000 مريض قدمت لهم نصائح مكتوبة باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي "جي بي تي-3"، بأن الاستجابات الآلية لم تنجح كعلاج.

وكتب المؤسس المشارك للشركة روب موريس على إكس "محاكاة التعاطف تبدو غريبة، ولا معنى لها". وتعكس هذه الملاحظة نتائج الدراسة السابقة حول تأثير الدواء الوهمي، حيث شعر بعض المشاركين وكأنهم "يتحدثون إلى الحائط".

ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، قال ديفيد شو من جامعة بازل السويسرية، إنه ليس مندهشاً من هذه النتائج السيئة. ويشير إلى أنه "يبدو أنه لم يتم إبلاغ أي من المشاركين بغباء روبوتات الدردشة".

لكن فكرة المعالج الآلي ليست جديدة. ففي ستينيات القرن العشرين، طُوّر أول برنامج من نوعه لمحاكاة العلاج النفسي، حمل اسم "إليزا"، باستخدام طريقة عالم النفس الأميركي كارل روجرز.

ومن دون فهم حقيقي لأي شيء عن المشكلات التي طُرحت عليه، كان البرنامج يعمد ببساطة إلى توسيع المناقشة بأسئلة قياسية معززة بالكلمات الرئيسية الموجودة في ردود محاوريه.

وكتب جوزيف وايزنباوم، مبتكر البرنامج، لاحقاً عن سلف "تشات جي بي تي" هذا "ما لم أدركه هو أن التعرض القصير للغاية لبرنامج كمبيوتر بسيط نسبياً يمكن أن يحفز أفكاراً وهمية قوية لدى الأشخاص العاديين تماماً".

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3