كيف تَرضى السعودية في لبنان ولا تَغضب إيران؟
يراهن كثيرون على أنّ مسار الانفراج السعودي - الإيراني سيقود إلى تسوية في لبنان أيضاً. ولكن ما هو "الحدّ الأدنى" الذي تقبل السعودية بالحصول عليه في لبنان، وما هو "الحدّ الأقصى" الذي تقبل إيران بالتنازل عنه في المقابل؟
في 23 كانون الثاني 2022، وصل إلى بيروت وزير خارجية الكويت، أحمد ناصر المحمد الصباح، كاسراً جدار الأزمة الديبلوماسية الشاملة بين لبنان ودول الخليج، نتيجة تصريح "قديم" للوزير جورج قرداحي حول اليمن. وبَدا الضيف الكويتي حازماً في طرحه: جئتُ إليكم بورقة من 12 بنداً. هي ليست كويتية فحسب، بل "خليجية وعربية ودولية أيضاً."
الورقة حملت عنوان "إنقاذ لبنان وترتيب العلاقات الخليجية اللبنانية". وفي هذا العنوان كَمنت "كلمة السرّ": إذا أردتم منّا فعلاً أن نساهم في إنقاذكم، كما تطلبون، فعليكم أن تصحّحوا العلاقات التي تسَببتم أنتم في تخريبها.
انتهت المحاولة هنا: لا قوى السلطة في لبنان مستعدة لتلبية أي طلب خليجي لأن الأمر يتعلق بإنهاء نفوذ «حزب الله» داخل السلطة وعلى الأرض، ولا الخليجيون العرب مستعدون لتغيير النهج تجاه لبنان، لأنهم غير مستعجلين ولا شيء يُجبرهم على ذلك
والهدف السعودي لم يتبدّل على رغم التوصّل إلى اتفاق بين الرياض وطهران. وعلى العكس، يعتقد السعوديون أن التوافق مع إيران يجب أن يشكل الغطاء المناسب لضبط نفوذ «حزب الله» في لبنان والمنطقة العربية عموماً. وهذا ما يفسِّر تشدُّد السعودية في مواقفها تجاه طاقم السلطة في لبنان، وعدم ثقتها في الوعود التي يقطعها
الإيرانيون من جهتهم لن يقبلوا خسارة مواقعهم الاستراتيجية في رأس "الهلال الشيعي"، ولن يتخلوا عن بوابة البحر الأبيض المتوسط والتماس مع إسرائيل، من دون مقابل. وبالتأكيد، هم سيدعمون "حزب الله" ليصمد في وجه الضغوط. ولكن، على الأرجح، وضمن الصفقة الشرق أوسطية الكبرى، قد يوافق الإيرانيون في لبنان على تسوية يمكن أن تُطَمْئن المملكة.