أيّها اللبنانيّون فكّروا بإيصال سيّدة لرئاسة الجمهوريّة
Credits: INFO3

أيّها اللبنانيّون فكّروا بإيصال سيّدة لرئاسة الجمهوريّة

 

كتبت هدى الحسيني في "الشرق الأوسط"

 

عندما بُحت لأحد الأصدقاء عن حديث مع مي الريحاني، المرشحة لرئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة، قال بعفويّة إنّها لو توارثت بعضاً من جينات عمّها أمين الريحاني فمرحى ومرحى بها لتتبوّأ هذا المركز بعد انحدار قيادته السياسيّة إلى أدنى ما يكون من المستويات.

أمين الريحاني المفكر والأديب والفيلسوف والإصلاحيّ ذهب إلى بلاد العرب وتعّرف إلى ملوكها وقياداتها وكتب عنهم، وكان له هدف وحيد وهو تقريبهم من بعضهم البعض. هكذا كان اللبنانيّون الكبار، وهكذا كان "لبنان الرسالة"، وهذا هو المرتجى من مي الريحاني لتعيد الرصانة والاحترام والثقة برئاسة البلاد.

ولكن بمعزل عن خلفيّة مي الريحاني العائليّة وإنجازاتها الشخصيّة المهمّة، فإنّ تبوّؤ امرأة ذات شأن رئاسة البلاد يعيد للبنان وجهه الحضاريّ المتقدّم، بعد أن فقده على أيدي رجال عاثوا في الأرض فساداً، وأساءوا إلى الشعب وسمعته.

مي لم تنتمِ إلى حزب، وهي مستقلّة، تتحاور مع كلّ الأطراف "لأنّ الكلّ لبنانيّ"، ثمّ إنّ خبرتها العالميّة مشرّفة للبنان، وقّعت عقوداً مع أربعين دولة حول "الإنماء العالميّ"، وهذا مبنيّ على ربط التربية بسوق العمل، ويعني بالتالي الاقتصاد، أيّ إيجاد وظائف للمتخرجين من الطلاّب.

لكن ما الذي دفعها إلى الترشح للرئاسة في لبنان "هي المرتاحة والمتألّقة"، وليس إلى النيابة مثلاً؟ تعترف الريحاني بأنّ هذه ليست فكرتها، فبالاتصالات التي تلقتها واللقاءات التي أجريت معها من لبنانيّي الشتات والسؤال الذي يتكرّر عليها: لماذا لا تخوضين معركة رئاسة الجمهوريّة؟ فهي كانت ترفض رغم أن ّإيمانها بلبنان لا يهتز، حتى بدأت مطالبتها بذلك تنهال عليها من داخل لبنان، وعندما وافقت وضعت أولويّتين: وضعت برنامج عمل، وشكّلت مجلس مستشارين، إضافة إلى طلب واحد من الجميع، وهو تغيير وإصلاح جذريّان. وتقول: "هذا يستطيعه رئيس أو رئيسة جمهوريّة باتفاق مع رئيس الحكومة والوزراء. أنا مثاليّة وواقعيّة في وقت واحد".

سألتها عن جامعة ميريلاند، حيث دَرّست وركّزت على تعميق التفاهم بين الشرق والغرب وإعادة تشكيل الفكر العربيّ من خلال أعمال جبران خليل جبران، وأمين الريحاني وميخائيل نعيمه (لا امرأة بينهم)، لكن أين فشلت مي وأين نجحت في تغيير العقليّة العربيّة؟ وما كان تأثير أولئك الكتّاب فيها، خصوصاً عمّها أمين الريحاني وعلاقته بالملك عبد العزيز آل سعود؟ عوّضَت الريحاني عن عدم وجود امرأة بالإعداد والإشراف على إنسايكلوبيديا أونلاين بالإنكليزيّة عن Arab women pioneers and leaders وهي تغطي قصص 125 امرأة عربيّة، بينهنّ مي زيادة مثلاً. كان همّها المساواة وفهم الآخر وتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب، لكن لم تنجح النجاح الكامل؛ إذ تقول: "هناك قبول بالمساواة لكن عندما نصل إلى مركز القيادة تكثر الأسئلة، وحتّى الآن قسم من الرجال يعتقدون بأنّ المرأة غير قادرة على أن تدير بلداً، يقبلون برئاستها لشركة، لكن ليس لرئاسة دولة بحجة الإنجاب. إنهم يضحكون على أنفسهم".

عن عمّها أمين الريحاني، تقول: "كانوا خمسة أولاد: أمين الكبير، ووالدي ألبرت الصغير، الذي تزوّج بعد وفاة شقيقه أمين. لذلك، لم أتعرّف إلى عمي لكنّنا وإخوتي تربينا في بيته وكبرنا على سمعته، وكان والدي ناشراً معظم كتب شقيقه. بيتنا كان مملوءاً بالأدباء والسياسيّين العرب واللبنانيّين، كلّهم يتحدّثون عن أمين الريحاني، ثمّ أسس والدي متحف أمين الريحاني الذي نديره وإخوتي منذ وفاة والدي".

وتضيف: "قرأت كلّ كتب عمّي أكثر من مرّة، لا سيّما "ملوك العرب"، و"الريحانيّات" و"قلوب لبنان"، وأستشهد بعمّي كثيراً".

سألتها: ما هي مشاعر امرأة تجاه عمّها المسيحي الذي زار الأماكن الإسلاميّة المقدّسة في ذلك الزمن؟

تشرح مي بأنّ "أمين الريحاني كان يؤمن بأنّ كلّ الأديان تلتقي، لأنّ الرسالة الروحانيّة لرفع قيمة الإنسان هي نفسها ولكلّ العالم. الإسلام ليس فقط للمسلمين، والمسيحيّة ليست فقط للمسيحيّين".

وتضيف: "قد تستغربين أنّ زوجي زهير الفقيه هو درزيّ لبنانيّ من منطقة عاليه، والده أسعد الفقيه أوّل سفير للمملكة العربيّة السعوديّة في واشنطن والأمم المتحدة. وهنا، أتحدث عن عام 1947 في الفترة التي كانت المملكة تختار بعض سفرائها من غير السعوديين، وكان والد زوجي محامياً تخرج في الجامعة اليسوعية في بيروت، وهو يتقن العربية والفرنسية والإنجليزية، وتوظف في وزارة الخارجية السعودية وترقى وأُعجب به الملك عبد العزيز وعينه سفيراً. باختصار أنا من جهة عائلتي ومن جهة عائلة زوجي مرتبطة بالسعودية، وإذا أصبحت رئيسة للجمهورية فأول ما سأقوم به أن أعود وأبني علاقات متينة مع المملكة".

قلت لها: زيديني بعد عن عمك أمين وعلاقته بالملك عبد العزيز، فتقول: "صار عمي والملك من أعز الأصدقاء وتبادلا رسائل عزيزة جداً أيضاً، وهي منشورة في كتاب "رسائل الملك عبد العزيز آل سعود وأمين الريحاني" (نحو 200 صفحة)، وقد رأيت صوراً للملك وعمي في متحف الملك عبد العزيز في الرياض (5 صور لهما)، واحدة يلتقيان فيها على درج طائرة. هكذا كان اللبنانيون السابقون".

من اللبنانيين السابقين إلى لبنانيي الشتات، ماذا قالوا لمي الريحاني المرشحة لرئاسة الجمهورية؟ بما أن مي رئيسة مكتب واشنطن للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والتي لها فروع في 30 دولة، فالأعضاء هم الذين شجعوها على الترشح، واعدين بأنها إذا وصلت "فسترين الاستثمارات كيف ستنهمر على لبنان".

وسألتها: وماذا عن الفساد الذي لكثرة انتشاره صرنا نخاف من أن يكون قد صار في الدم؟ تجيب الريحاني بأن الكثيرين من اللبنانيين المقيمين والمغتربين نظيفو الكف والعقلية، وإيمانهم عميق "بأن بلدنا لن يكون على الطريق الصحيح إلا إذا استأصلنا الفساد. صحيح أنهم ليسوا الأكثرية لكنهم ليسوا بأقلية. وما أقوله دائماً خصوصاً للنواب أن لديّ شرطاً واحداً إذا ما قررتم انتخابي، وهو أن يسموا في الاستشارات النيابية رئيس وزراء يلتقي معي بالمبادئ والرؤية والبرنامج. وألّا تأتوني بشخص يعمل ضدي، أو بأحد فاسد، بل برئيس وزراء نظيف مثلي لأتفاهم معه على الإصلاح، وعلى أولوية الإصلاح، وعلى المشاريع كلها، عندها نعمل، والوزراء يجب أن يكونوا مثلنا. وقد يكون هذا السبب في ألّا أصل للرئاسة. لكن إذا وصلت فسأعمل 14 ساعة في اليوم، وإذا قررت فلا أتراجع، بل أدفع إلى الأمام وبسرعة. أريد أن أوظف كل خبراتي وكل علاقاتي الدولية والعربية للبنان".

تتوقّف مي عند المادة الـ95 من الدستور - اتفاق الطائف - التي تطالب ببداية مسار التخفيف من ربط الأديان بالمراكز السياسية، والتي لا يريد أحد تطبيقها، فتقول: "أنا أريد تطبيقها، ولن أخاف من أحد. وتؤكد أنه لن تكون هناك محاصصة، ولن أعد أي حزب بأيّ وزارة إذا انتخبني".

سألتها: ماذا ستفعلين بسلاح "حزب الله"؟ تجيب: "اجتمعت باثنين من أعضاء الحزب وطرحا عليّ هذا السؤال فكان جوابي: نحن لبنانيون مثل بعضنا البعض، ولبنان مثل أي دولة في العالم، القانون عندنا مبني على الدستور الذي يقول إن السلاح الشرعي في لبنان يكون في يد الجيش والقوى الأمنية. نحن في وضع لا يسمح لنا بأن نطبق الدستور بحذافيره، لأنّ لدينا حزباً اتخذ قراراً بأن يدافع عن لبنان في الجنوب، أنا أفهمكم، لكن سيأتي وقت علينا أن نرى كيف يكون هذا السلاح تحت مظلة أو خيمة الدستور".

فسألني أحدهما: وكيف سيكون ذلك؟ قلت: "أريد أن أفتح حواراً معكم ومع كل المسؤولين والأحزاب في لبنان، ونتفق على الأهداف وتوقيت تطبيقها".

كما تفكر مي الريحاني بالبحث مع بعض دول الجامعة العربية لحلحلة هذا الأمر بناء على الدستور، السعودية ومصر والإمارات وقطر، مستشهدة بأن السعودية وقعت اتفاقاً مع إيران والمادة السادسة منه تنص على ألّا تدعم إيران الميليشيات في العالم العربي، "فأنا سأطالب بتطبيق هذا البند إذا وصلت إلى رئاسة الجمهورية".


* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3