ما يريد أن يعرفه أهالي المفقودين والمخفيين قسرا
كتب غسان صليبي تحت عنوان "ما يريد أن يعرفه أهالي المفقودين والمخفيين قسرا "
"حقنا نعرف"
تردد وداد هي ورفاقها
في تجمع اهالي
المفقودين والمخفيين قسرا.
نفهم انهم
في البداية
كانوا يريدون معرفة
مصير احبائهم،
إذا كانوا قد قُتلوا
أم أنهم لا يزالون إحياء.
اما اليوم
وبعد مرور
حوالي أربعين سنة
على إختفائهم،
فماذا تراهم
يريدون أن يعرفوا؟
طمأنت البارحة
رئيسة تجمع الاهالي
وداد حلواني
على إحدى الإذاعات،
بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين،
أنهم لا يتوخون معاقبة أحد
بل كل ما يريدونه
هو ان يعرفوا
"وين زاتينهم".
وددت أن أرى
وجه وداد
وهي تقول ذلك
بهذه البساطة.
هم لا يريدون
الانتقام
من المجرمين
الذي خطفوا او عذبوا
او قتلوا احباءهم،
فكيف ينتقمون
ومعظم هؤلاء في السلطة اليوم،
أكان في لبنان أو في سوريا الاسد؟
انهم لم يعودوا
يبحثون عمّن فقدوهم
بل عما تبقى منهم
في أقبية السجون
أو تحت التراب.
ربما تساءلوا
بعد إختفاء إحبائهم مباشرة،
وأرادوا أن يعرفوا
لماذا ومن،
في ظروف حرب
لا بل حروب،
كثرت فيها حجج القتل
والأطراف التي تقتل.
ربما بعض الاهالي
كان جزءا من هذه الحروب،
وكان يجد تبريرات لهذه اللماذا،
في التحليلات والإيديولوجيات والمصالح،
اما اليوم وقد سقطت جميع التبريرات
تحت ركام البلاد،
تماما كما رفات أحبائهم،
فاللماذا خُطف احباؤهم او عُذّبوا او قُتلوا
أصبحت بدون جواب،
أو أن الجواب الوحيد المتبقي
هو ان كل ذلك
كان من أجل هذا اللاشيء
الذي نحن فيه.
اعتقد انه ما بات يريد أن يعرفه وبإلحاح
أهالي المفقودين والمخفيين قسرا
في قرارة انفسهم،
هو كيف يكون كل هذا الخطف
كل هذا التعذيب وكل هذا الموت
من أجل هذا اللاشيء،
فهل يُعقل
أن تكون حياتهم هم أيضا
الباحثين عن إحبائهم،
قد تحولت إلى معاناة وقهر وحزن ومرض
من أجل هذا اللاشيء؟
ما يريد أن يعرفه
أهالي المفقودين والمخفيين قسريا
لم يعد يختلف
عما يريد أن يعرفه اليوم
في زمن الانهيار
جميع اللبنانيين،
الذين يفتشون تحت الركام
عن حياتهم المفقودة والمخفية قسرا.
سؤال أهالي
المفقودين والمخفيين قسرا،
ورفضهم التسليم
بأن كل ذلك كان من اجل هذا اللاشيء،
هو وحده ما يبقيهم
ويبقي اللبنانيين
أحياء.
