لا تدخل بيني وبين ربي
Credits: Info3

لا تدخل بيني وبين ربي

لفت نظري العرس المدني الجميل الذي أقيم في ضهور الشوير بين شاب درزي وآنسة شيعية، حيث منعتهما الظروف الاقتصادية من السفر لإتمام زواجهما في الخارج، مع استمرار رفض الزواج المدني الاختياري في لبنان، وبالطبع تعرّض العروسان لانتقادات، بأنّ زواجهما باطل وهما خارجان عن الدين.

 

ويجعلني ذلك أفكر في مستوى الاندماج في المجتمع اللبناني واستمرار التقوقع الطائفي، إلى مدى بات فيه جائزًا أن نسأل: هل نؤسس في لبنان حقيقة لمجتمع قادر على التعايش؟ أم انّ الاصطفافات الطائفية وصلت الى حدّ بات فيه من الصعب تحقيق أي خرق؟


في هذا الإطار، من المفيد ان نقوم بمراجعة جدّية لواقع مجتمعنا، وإذا كنا حقيقة نطمح إلى ان نكون مجتمعًا قادرًا على التبادل الثقافي والاجتماعي، وهل نحن في الحقيقة «وطن الرسالة «، الصفة التي أطلقها البابا يوحنا الثاني على لبنان. 

في رأيي، انّ قرار المجتمع المتعايش يتطلب التزام الجميع باحترام الحرية الفردية للشخص، وان يكون التزامه الديني كعلاقة بينه وبين الله، لا يتدخّل فيها أحد ولا يحكم عليها أحد ولا وكيل لها على الارض. ان تكون العلاقة الإيمانية مع الله هي جسر لتقريبه من الآخر ومن جاره ومن شريكه في الوطن وليس العكس.


 

علمًا أنّ الأديان السماوية تشدّد على التقرّب من الآخر واحترام الحرية الفردية. ففي سورة البقرة: «لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي …». اما السيد المسيح حين سأله أحد من الجموع: من هو قريبي؟ روى له قصة السامري الصالح، والتي تؤكّد انّ معيار التقارب الإنساني هو الرحمة والمحبة. اما تعاليم الموحّدين الدروز فترتكز على تحقيق الإنسانية في الانسان، فهي تحرّر الإنسان وتحكم العقل ولا تستعبده وتوجّهه في اتجاه العلم والمعرفة.

 

انّ الاديان السماوية تدعو إلى الانفتاح ورفض التعصب وتقبّل الآخر. ولكن هناك مصالح لأشخاص على الارض تكلّف نفسها فرض اقتناعات باسم الدين لتحافظ على سيطرتها، مما يؤدي إلى تباعد بين مكونات المجتمع. اشخاص يفرضون اموراً باسم الإرادة الالهية لتبقى الناس متباعدة وخائفة من الآخر. فلو توقفت سيطرة هؤلاء، يستطيع الناس ان يكونوا في علاقة طبيعية مع الله ومع بعضهم البعض.

 

إذا كنا نريد تحقيق لبنان الرسالة، يجب ان نلتزم ببروتوكولات تمنع ان يكون الدين عامل تباعد بين أبناء المجتمع، وان يكون الالتزام الديني بين الفرد وبين ربّه لا يعممها او يفرضها على الآخر، ولا يقوم بتكفير او نبذ طرف آخر بسبب اقتناعاته المختلفة. فالتعصب يدمّر الدين نفسه قبل تدمير أي شيء آخر. ليس المطلوب ان يتخلّى احد عن دينه، بل ان نتّحد ضمن بروتوكولات لتحقيق لبنان الرسالة، وهذه امور يجب التفكير فيها من اجل مستقبل الوطن وقبل ان نصل إلى تصادمات لا تُحمد عقباها.

 

اما إذا رفضنا التفكير بذلك وتمسّك كل طرف بتعصبه وتقوقعه، فربما من الأفضل درس فكرة الكانتونات، وفرض كل طرف قوانينه الخاصة داخل كل كانتون، وإذا اراد أي مواطن زيارة كانتون آخر عليه ان يلتزم بالقوانين الخاصة به. علمًا انّ أبغض الحلال عند الله الطلاق.

 

أخيراً، انّ التقارب بين جميع الاطراف يتطلب شجاعة وتضحيات، والانفتاح على الآخر هو الخطوة للتعلّم والمشاركة. فكما قال الامام علي بن ابي طالب: «الناس أعداء ما جهلوا». فلا تتركوا جهلكم لبعضكم البعض يحوّلكم اعداءً.

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3