الحريري وجعجع وجنبلاط وامتحان برّي بعد الإنتخابات
 إيلي الحاج

الحريري وجعجع وجنبلاط وامتحان برّي بعد الإنتخابات إيلي الحاج

لكانت الفرحة بنتيجة الإنتخابات أكبر لو اقترنت بمزيد من تأكيد الكتل التي صُنّفت "سيادية" أو "تغييرية" أنها لن ترتكب خطأ 2016 الفادح بالرضوخ لمشيئة "حزب الله" التي فرضت على اللبنانيين عهداً هو الأسوأ في تاريخه منذ أيام "السَفَر بَرلِك". تلك السنة المشؤومة تعاون خصوصاً سعد الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط، مع حفظ الألقاب،  في تسليم إرادة ما كان يُسمّى "شعب 14 آذار" بعد تمنّع طويل. وعلى مشارف نهاية العهد يتبيّن أن اللبنانيين سيحتاجون إلى عشرات السنوات للشفاء من آثاره، اقتصادياً ومالياً وعقلياً وأخلاقياً على السواء.

الأمل الكبير بالطبع في النواب التغييريين لا يحجب حقيقة افتقادهم الخبرة السياسية، ولا أحد يدري مدى صلابتهم في وجه الوحشية التي تلبس لبوس الدين، أمّا "السياديون" فخرج من ملعبهم الحريري إلى مقاعد المشاهدين بينما ثبّت كلٌّ مِن جعجع وجنبلاط قدميه في المهماز لقيادة طائفته من موقع أقوى في مواجهة تحديات عنفية محتملة أو مُتخيّلة في أذهان الناس. يستند الرجلان في ذلك إلى شرعية اكتسباها من ماضي حرب لا تنفك تلوح في البال كلما لاحت في البال ذكرى حادثة الطيونة أو يوم 7 أيار 2008، "المجيد" في قاموس تعابير السيّد حسن نصرالله عندما يريد الإستفزاز.

اعترف الحريري بالخطأ وخرج، بينما لم يتطرق حليفاه السابقان إلى الموضوع، ليبقى معلقاً محتاجاً إلى شرح وتبرير، للتاريخ على الأقل. ما الذي جعل هؤلاء الأمراء بل الملوك على أحزابهم يسيرون في خيار كانوا يعرفون سلفاً أنه مُدمّر للبنان بدليل تجربة سنتَي 1988-1990 ، وما الذي حملهم على الإعتقاد أن الإنسان يمكن أن يتغيّر بعد بلوغه سنّ الرشد ولا ينتقل من سيّىء إلى أسوأ؟

جنبلاط انتصر وارتاح وذهب باكراً بعد الإنتخابات إلى هدنة يتابع خلالها على ضفة النهر مصير أعدائه. حليفه الإنتخابي  جعجع ذهب إلى مبارزة في الوزن والحجم والعدد مع التيار العوني الذي يرافق مسيره كالقدر منذ 1988. تيّار لا تنفع معه هزيمة عسكرية مريعة كان يُمكن تفاديها ذات 13 تشرين، ولا اندثار الأحلام والوعود الفارغة بإصلاح وتغيير وانكشاف مشاريعه التي لا جدوى منها. لم يتأخر جنبلاط في إعلان نيّته إعطاء أصوات نوّابه الستّة لحليفه السابق صديقه الدائم نبيه برّي تسهيلاً لعودته إلى رئاسة مجلس النواب للسنة الثلاثين على التوالي. نوّاب جعجع لن يصوّتوا لبرّي ولكن ليس في المجلس نوّاب شيعة غير الـ27 الموالين لنصرالله ولبرّي، فأين المفرّ؟ لو تجاوب الممسكون بتوجهات غالبية الناس في دائرة كسروان – جبيل مع اقتراح فارس سعَيد، لكان ممكناً إيصال نائب شيعي "سيادي" عن قضاء جبيل وخوض معركة على الأقل، وإن كانت خاسرة، لإيصاله إلى قوس البرلمان في مواجهة "الثنائي الشيعي"، ولو تحفّز مسيحيو دائرة الجنوب الثالثة ( النبطية وبنت جبيل ومرجعيون- حاصبيا) في الوطن والمهجر لدعم لائحة "معاً نحو التغيير"، بدل دعوتهم إلى المقاطعة ترشيحاً واقتراعاً، لكان مُحتَملاً خرق الجدار النيابي الذي رفعه "ثنائي السلاح والفساد"، والعظيم  كالسواتر التي تحوط ساحة النجمة والبرلمان.

رغم ذلك كله، يمكن القول كانت إنتخابات أفضل الممكن، والرجاء ألّا يسمع اللبنانيون مرة أخرى ممّن اختاروهم لتمثيلهم عبارات لرمي المسؤولية، سمعوها عام 2016 من نوع "شو كان فينا نعمل غير هيك؟".

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3