سلام العالم يمرّ بتغيير النظام في طهران

سلام العالم يمرّ بتغيير النظام في طهران

منذ الثورة الأسلامية في 1979 أرادت إيران فرض نفسها من خلال الرعب. في 1982 أنشات ميليشياها الإرهابية "حزب الله" التي أقدمت بسرعة على ارتكاب اعتداءات متعددة في بيروت. منها في 23 تشرين الاول 1983 هجومان انتحاريان متزامنان على الوحدتين الأميركية والفرنسية في "القوة المتعددة الجنسية" مما أوقع نحو 300 قتيل. وألحقتهما ب15 اعتداءً في باريس بين العامين 1985- 1986، ومن ثم سلسلة طويلة من الاعتداءات في الأرجنتين وتايلاندا ودول أخرى، وصولاً إلى جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005. 

لكن إيران لم تعد تكتفي بأعمالها الإرهابية في السنوات الأخيرة، بل أخذت تشارك مباشرة في حروب متعددة في دول المنطقة. 

في 2011 بدأ بشار الأسد حرباً ضد شعبه الذي انتفض متفاعلاً مع ثورات الربيع العربي. وبذريعة حماية مرقد زينب قرب دمشق، تدخّل " حزب الله" وتحوّلت هذه الحجّة مشاركة فاعلة من إيران في الدفاع عن نظام الأسد. وانخرط قاسم سليماني شخصياً في الحرب وأقحم "فيلق القدس" في الصراع السوري. 

في 2014 تدخل سليماني نفسه في العراق بعد سقوط الموصل. وفي الأسابيع التي تلت أنشأ "الحشد الشعبي" بهدف إقامة حكم إسلامي شيعي يوالي "ولاية الفقيه" . وأصبحت بغداد العاصمة الثانية التي تسيطر عليها إيران. 

في هذا الوقت كانت تدور في اليمن حرب أهلية من العام 2014 بين ميليشيا الحوثي الشيعية المدعومة من إيران وقوات حكومة عبد ربه هادي الذي كان انتُخب في 2012.

في آذار 2015 أطلقت المملكة العربية السعودية عملية عسكرية في مواجهة الانقلاب الذي قام به الحوثيون من أجل إعادة الرئيس هادي إلى السلطة. 

منذ ذلك الحين استعرت الحرب في اليمن ، ويشن الإيرانيون عبر ميليشياتهم هجمات متعددة ضد السعودية والإمارات. وسيطرت إيران على عاصمتها العربية الثالثة.

في 31 تشرين الأول 2016 ، انتُخب ميشال عون، دُمية "حزب الله"، رئيسًا للجمهورية بدعم من جميع الأفرقاء السياسيين. وحصلت انتخابات نيابية عام 2018 أعلن بعدها قاسم سليماني أن "الانتخابات أعطت محور المقاومة غالبية نيابية بواقع 74 نائباً (من أصل 128)". سيطرت إيران على عاصمتها العربية الرابعة.

إلا أن إيران لم تعد تكتفي اليوم بشن حروب في الشرق الأوسط. وفي حين يثور الإيرانيون على نظام الملالي الإسلامي ، تشارك إيران في الحرب في أوروبا من خلال بيع روسيا الواهنة طائرات من دون طيار وصواريخ تستخدم لقتل الأوكرانيين. المثير للسخرية أن روسيا كان مفترضاً أنها القوة الثانية الأكثر تسلحاً وبيعاً للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة. 

هكذا أصبحت إيران لاعباً جديداً في الحرب في أوكرانيا. وبعدما دفعت ملايين السوريين والعراقيين إلى المنفى في أوروبا ، ها هي تشارك في تهجير الأوكرانيين. ومن خلال دعم النظام الإيران لروسيا، يعتمد على الحرب في أوكرانيا لحجب قمعه الشرس للشابات والرجال الذين يطالبون بإنهاء نظام الشريعة الإسلامية الذي فرضه حُكم الملالي منذ عام 1979.

إلا أن معظم القادة الأوروبيين يغلقون أعينهم عمّا يحدث في إيران كي لا ينزعج النظام، وليبقى الباب مفتوحًا على أمل إبرام اتفاق نووي يمكن أن يخفّف معاناة الأوروبيين هذا الشتاء. 

وتحاشت الولايات المتحدة من جهتها قطع الجسور مع طهران وعقدت اتفاقاً مع إيران في لبنان لترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل، في موازاة فرض عقوبات معتدلة على "شرطة الأخلاق". وبينما يدعم بايدن الاحتجاجات باسم حقوق الإنسان ، يقول إن تغيير النظام في إيران ليس من أولوياته.

هذا العماء الغربي يناسب نظام إيران الذي يستغل الوضع لبيع نفطه وما يسرقه من العراق، مع الاستمرار في تطوير برنامجه النوويّ.

والحال إن تجنّب حرب نووية في أوروبا يوجب التحرك في إيران. لقد سمح جُبن الغرب لبوتين وإيران، عندما رفض التدخل في سوريا، بتوسيع هيمنتهما في أوروبا والشرق الأوسط.

وبدت إيران مستعدة للتضحية بعض الشيء من خلال الضغط على "حزب الله" لتقديم ضمان أمني واقتصادي لإسرائيل، أو من خلال السماح للبرلمان العراقي بانتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس لمجلس الوزراء، مع الاحتفاظ بقدرتها على الإخلال بهذه الاتفاقات في أي وقت. لكنّ إيران لن تضحّي أبداً ببرنامجها النووي، خصوصاً أن الاحتجاجات الداخلية تضعفها، وهي تربط مصيرها بروسيا من خلال بيعها أسلحة. وفي المقابل سوف ترفض روسيا أي اتفاق نووي يُمكن أن يخفض أسعار النفط.

وفي سبيل تجنّب حرب عالمية ثالثة لا مفرّ من دعم الشعب الإيراني لتدمير أيديولوجيا الملالي، تمامًا على غرار الدعم الذي تتلقّاه أوكرانيا. وهذا الدعم سيكون له تأثير "دومينو" في العراق ولبنان، حيث بدأت البيئة الشيعية بإظهار سخطها حيال الميليشيات الموالية لإيران.

إن مستقبل الديمقراطية على المحك في أوكرانيا ، لكن السلام العالمي على المحك في إيران. وأكثر من أي وقت مضى، ولئلا تتكرر التجربة السورية، يتوجّب دعم الإيرانيين الذين يُقتلون، نساءً ورجالاً، في مواجهتهم لنظام إرهابي. وفي لبنان ، دعونا لا نقع في فخّ الإلهاء من خلال الاهتمام بالانتخابات الرئاسية، بينما نُدرك تماماً أن البلاد واقعة تحت الاحتلال، وأيّاً يكن الرئيس الذي سوف يُنتخب، كي لا نقول يُعيّن من "حزب الله"، لن يكون ممكناً فعل أي شيء. 

* Stories are edited and translated by Info3 *
Non info3 articles reflect solely the opinion of the author or original source and do not necessarily reflect the views of Info3